الجمعة، 18 ديسمبر 2009

بـــراءة مــشـــردة




ذات يوم كنت وأسرتي نتجول أمام المحلات
كان في بدايته يوم رائع ولكن في نهايته نكبات
ففي أثناء مشينا وكلامنا كانت تعلو الضحكات
وفجأة رأيت مشهداً لن تنساه عيني لسنوات
---
رأيت طفلاً بعمر السنتين ملقى على الطرقات
طفلاً ربما لم يكن تعلم بعد المشي والخطوات
طفلاً ربما لم يكن تعلم بعد النطق والكلمات
طفلاً جميلاً بريئاً لن يتحمل التشرد والصدمات
طفلاً ضئيلاً ضعيفاً على مصير ضائع ومتاهات
---
عجباً,لم أرى بينهم طفلاً كهذا مرة من المرات
تلك البراءة مشردة في الشوارع كالحيوانات
ملقاه على الأرصفة هكذا وكأنها بقايا نفايات
تجول لتتسول من أجل العثور على فتات
أليس من حقه أن يكون إنسان له كيان وذات ..؟!!
---
أي أم طاوعتها يدها أن ترمي بفلذاتها ملقيات
وتنازلت أن يقال عنها الجنة تحت أقدام الأمهات
أي قلب إستطاع التخلي عن نعمة الله وزينة الحياة 
أي كلمة تليق بهؤلاء وأي وصف من الصفات
لقد عجز لساني وقلمي عن وصفهم بالكلمات
هؤلاء أشخاص تشعر عنهم قلوب الأموات
---
فاقتربت منه بعطف لكي أعطيه بعض الجنيهات
ونظرت في عينيه بشفقة ولمحت فيهما قطرات
تلك العينين البريئتين مملوءة بالأحزان والدمعات
إختنقت وتحجرت في مكاني من تلك النظرات
ظللت أفكر ماذا أفعل ماذا بيدي لألملم هذا الشتات
حتى تراكمت في ذهني الكثير من التساؤلات
---
يومياُ نقرأ عنهم في جميع الصحف والمجلات
سئمنا من مقالات لا حصر لها ومانشيتات
سئمنا من كلام بدون فعل .. ما هو إلا مهاترات
حتى أصبحوا أداة وفكره لقصص الأفلام والمسلسلات
ولكن ماذا أضافوا لهم .. ماذا قدموا لهم .. سوى شعارات
شعارات ومحادثات من جميع الهيئات والجهات
ولا نرى من تلك القرارات أي فعل أو معاملات .. !؟؟



لأني كنت طفـلـة صغـيـرة



كنت لا أتعب ولا أتوقف لحظة عن اللعب
كنت عندما أضحك .. أضحك من القلب
كان كل ما أتمناه يأتيني على إناء من ذهب
كنت لا أعلم شيئاً عن عذاب الفراق والحب
كان عندي ما هو إلا حب الأخوة والأم والأب


لأني كنت طفلة صغيرة


كنت ألتفــت لإنتـقــادات وهمـيـة بالإفــتراء والكــذب
كنت لا ألتزم الصمت وأدافع عن نفسي بتعصب وغضب
كنت كلما يزداد غضبي زادهم فرحة وإنتصار دون سبب


لأني كنت طفلة صغيرة


كنت لا أحمل الكثير من الهموم والأحزان
كنت دائمة الشعور بالراحة والإطمئنان
كان إحساسي بالدنيا ملئ بالسعادة والأمان
كنت لا ألاحظ الحقد والظلم في عيون أي إنسان


 لأني كنت طفلة صغيرة


كان لدي الكثير والكثير مقربين من الأصدقاء
كنت لجميعهم مطمئنة وأثق بهم ثقة عمياء
كنت لا أتخيل يوماً هذا الخبث منهم والدهاء
كنت لا أشعر وأنا بين أقربائي وكأنني كالغرباء
كنت لا أتوقع أن الظلم يأتي ممن إعتقدتهم أحباء
كنت لا أحتمل الطيبة في زماننا هذا يصفونها بالغباء
وكنت متمسكة بطيبة قلبي حتى لو سخر منها الجهلاء


لأني كنت طفلة صغيرة


كنت لست مقيدة بهذا الكم الكبير من الحدود
كنت غير ملزمة بأن أعطي وأوفي بالوعود
كنت لا أرضا في كل الأحيان بأي شيئا موجود
كنت معتقدة أن كل السبل مفروشة لي بالورود
كنت لا أعلم أن الموت هو النهاية الوحيدة لأي وجود


لأني كنت طفلة صغيرة


كنت لا أعرف قيمة راحة البال التي تجعلني أنام
كنت لا أرى في منامي كوابيس بل كانت كلها أحلام
كنت من السهل أن أصدق كل ما يقال لي من كلام
كان لا يشغلني الطموح بما يتخلله بين حلال وحرام


لأني كنت طفلة صغيرة


ولكني عندما أنظر إلى أطفال هذه الأيام
                  أدرك أننــي مـازلـــت ..... " طـفـلــــة صـغــــيـرة "



II
V
,, الآن كم يرهقني كثرة التفكير وقلة الكلام
فأنا لا أستطيع أن أعبر عن ما في قلبي بالكلام
ولكنه يخرج من داخلي بـالكـتــابـة مع الأيام


مُـنـاجـاتي


أعلم يا ربي أن كل حياتي مِلكٌ لك وحدك
وأن كل ما يحدث فيها من نعم وخير فهو منك
وكل ما يحدث لي فيها من شر وضر فهو مني وليس منك
وأيقن يا ربي أن كل ما كتبته وقدرته لي هو قضاءك وقدرك
, لذا فأنا راضية بكل شيء مهما كان لأنه من عندك
وأشكرك دوماً على كل شيء وأحمدك
لأنك تشاءه وتريده لي .. فالحمد والشكر لك
,, فكلما مرّت عليّ مواقف وأحداث في حياتي تحزنني أو تصدمني
كلما نضج عقلي وتفكيري أكثر وأكثر بفضلك
وأصبحت أكثر قوة وتحملاً للمسئولية .. وأكثر تماسكاً وتعقلاً وجدية
وأيقنت أن هذه الصعاب والمحن خير إختبارٌ لي من عندك ..
على الرغم من أنني ما كنت أتمنى أن تحدث ,
 وتمنيت أشياء أخرى هي التي كانت تحدث ..
ولكنك تعلم الغيب وتعرف أين الخير لي بلطفك بي وبحكمتك
وتؤجله لي في أشياء أخرى لا أعلمها إلا بوقتها المكتوب بقدرتك وقوتك
وتسبب الأسباب حتى تجعلني بمعنى الحياة الدنيا أدُرك
فزيدني يا ربي علماً من علمك .. وحكمة ًمن حكمتك
وألهمني الصواب وأرزقني البصيرة بنورك وعظمتك وهدْيّك ..
,, ومع كل هذا .. فأنا مدركةٌ تماماً أنك تحبني أكثر مما أحبك
 

فرغم كل خيرك الفيّاض عليّ ونعمك وفضلك ...
أعلم أنني حقاً مقصرةٌ معك يا ربي ولا أوفيك حقك
وطامعة ًفي رحمتك وغفرانك ورضاك وعفوك
فبنورك يا ربي أعيش وأحيا وأستنشق
فلا تكلني يوماً لأحداً غـــيرك ..
ولا تجعلني ممن يسهوا وتلهيهم مغريات الدنيا عنّك
فأنا أحتمي دوماً بتقـــواك ونهجـــك ..
فديمها عليّ عادة ونعمة يا رب العالمين بعزّتـك